لقاء جريدة البيان مع أ.سعيد الزحمي
المصدر:
الفجيرة- عائشة الكعبي
التاريخ: 15 يوليو 2014
سعيد الزحمي مواطن من إمارة الفجيرة، اختلف حلمه عن أبناء جيله حينها، وإن كان الهدف واحداً، وهو خدمة الوطن، ففي وقت كان الجميع يسعى للعمل في الجهات الحكومية؛ في السلك الشرطي أو القوات المسلحة، أو حتى في المجال التربوي حينما كان يجذب أعداداً لا بأس بها من المواطنين، بقصد الحصول على دخل شهري يحقق الأمان والاستقرار، وضع الزحمي نصب عينيه دراسة القانون، الذي كان يرى فيه الغد، والمستقبل الذي يتطلع إليه بعين التفاؤل، وحس العدالة التي تشعره بالراحة حين يجد الفرصة في ترك بصمة.
عام 1985 التحق الزحمي بالدراسة في جامعة الإمارات، ليتخرج فيها بدرجة البكالوريوس عام 1988، فيبدأ مشواره مع مهنة المحاماة بافتتاحه مكتباً خاصاً عام 1989، ليكون بذلك أول محامٍ مواطن في الفجيرة، الذي حصد العديد من الشهادات التقديرية والجوائز، التي تعكس مثابرته واجتهاده في العمل.
اليوم الأول
اليوم الأول لسعيد في المهنة، وهو يجلس على مكتبه شعر في داخله بخليط من المشاعر بين الفرح والقلق لدخوله مضمار المحاماة والعمل فيه، فالدراسة تختلف عن الواقع الذي يحتاج إلى جهود كبيرة من أجل إثبات الذات في الوسط القانوني وفي المجتمع، إلا أنه أصر على إكمال مشواره وحلمه، بأن يصبح رجل قانون سلاحه الدفاع عن الحق.
وبما أن المحاماة مهنة حرة ومستقلة، فقد واجهه العديد من الصعوبات في ذاك الوقت، خاصة في أروقة المحاكم باعتبارها موقع القوة والهيبة. يقول سعيد: البداية دائماً صعبة، وربما تصل إلى حد أن الشخص إما أن ينجح ويحقق طموحه، وإما ينسحب وينتظر فرصة أخرى. الخيار الثاني رفضه الزحمي وأصر على العمل والاجتهاد، فبدأ يقضي ساعات طويلة في المكتب، الذي يمثل له بوابة الرزق والدخول الشهري، الذي من خلاله يستطيع أن يؤمن احتياجاته الشخصية واحتياجات عائلته، ويدفع كذلك أجور العاملين لديه في المكتب، حتى اشتد عوده في المهنة.
أربعة فروع
الوقت الراهن كما يقول الزحمي أفضل بكثير في كل المجالات، في ظل التطورات التي شهدتها البلاد عموماً، إذ باتت الإمارات تنافس أفضل دول العالم بإنجازاتها التي لا تحصى. اليوم يمتلك المحامي سعيد، مكتب الزحمي للمحاماة والاستشارات القانونية، وهو أول مكتب في الفجيرة افتتح عام 1989، وهو الفرع الرئيس، وتوجد مكاتب أخرى تابعة له في أبوظبي، ودبي، ورأس الخيمة، بعدد موظفين يصل إلى 75 محامياً، ومحامية، ومساعدين.
ويطمح الزحمي، بعد أن استطاع أن يبني قاعدة صلبة لاسمه القانوني، بفضل جهود العاملين لديه، وتحقيقه معهم العديد من النجاحات المتتالية التي أكدت أنه من المكاتب الرائدة في المنطقة، إلى مواصلة مشواره في تدريب المحامين الجدد وتأهيلهم للعمل. وحالياً يقدم الزحمي محاضرات بالتعاون مع جامعة عجمان، للطلبة في القانون، كما يشارك في برنامج «بالقانون»، الذي يبث مباشرة على قناة الفجيرة أسبوعياً، ويتلقى فيه العديد من الاتصالات والاستفسارات القانونية.
المحامية الإماراتية
ويُعتبر الزحمي أول من دعا المرأة المحامية، للعمل ميدانياً وفتح لها أبواب مكتبه، وشجعها للترافع في أروقة المحاكم، ومنحها الثقة لتُمسك بأهم القضايا لديه، من منطلق أن المرأة شريك أساسي للرجل، ولديها القدرة على العمل إلى جانبه، وتستطيع تحمل مسؤولياتها بكفاءة واقتدار.
ومؤخراً نادى الزحمي بضرورة ارتداء المحامية، لرداء المحاماة الأسود أثناء عملها في المحكمة وفي الجلسات، وذلك لتمييزها عن باقي الحاضرات من النساء، وللتعريف بها محامية لها مكانتها الرفيعة في الدفاع عن الحق.
23 مليون درهم
قبل ثلاث سنوات نجح الزحمي في كسب قضية رفعت ضد أحد ملاك العقارات، من قبل مقاول يطالب بمستحقاته المالية التي تصل إلى 23 مليون درهم، ليكون أكبر حكم تصدره محكمة الفجيرة الاتحادية آنذاك، وهناك العديد من القضايا الأخرى التي تولاها الزحمي، وتركت أثراً إيجابياً في نفوس الكثيرين.
صباح كل يوم، أنتم على موعد مع تفاصيل حصرية لشخصيات تختلف في المسميات وتتحد في الإنجازات، نحاور لمساحة ثابتة؛ ضيفاً رمضانياً في موقعه، نتعرف منه على يوم رمضاني، وندقق في التفاصيل التي يؤديها على رأس عمله، ونعرج على صعوبات لابد وأن تنغص بعض وقته، حتى نصل إلى مواقف وطرائف مُندسّة بين سطور العمل، تمنح صاحبها طاقة إيجابية نحو مزيد من المثابرة والجد والاجتهاد، من منطلق أن «العمل عبادة». كل يوم ستجدون في هذه المساحة «شخصية ومهنة»، ندخل إلى ميدان عملها من باب رمضاني يُعنى بكل ما يحيط بواقعها المهني؛ نهاراً وقت الصوم أو ليلاً بعد الإفطار، المهم أننا نحاور مسميات مهنية لا تتشابه، لنجسد لكم قالباً صحافياً جديراً بالاهتمام، ففي كل يوم تجدون «شخصية ومهنة»، وهذه إحدى المهن التي طرقناها؛ فدخلت بابنا الرمضاني.
محامي الحكومة!
من المواقف الطريفة وغير المتوقعة التي صادفت المحامي سعيد الزحمي في عمله، أنه يرتدي روب المحاماة الأسود، ويسير وسط الحاضرين في المحكمة، وإذا بالأشخاص يتهافتون عليه حاملين أرقام قضاياهم، ويرغبون في أن يدافع عنها، لحظتها تنطبع ابتسامة ثقة عريضة على وجهه، سرعان ما تتحول إلى ردة فعل مغايرة تماماً لحظة ذكر قيمة الأتعاب.
ومن دون سابق إنذار يلاقي من الأشخاص أنفسهم، ردوداً وقناعات وعصبية وغضبا غير مبرر، وهم يرددون عبارة: «أنت محامي الحكومة» التي تدفع لك راتباً من أجل الدفاع عن حقوق المواطنين بالمجان. هنا لا يجد المحامي سبيلاً في إقناعهم بغير هذا التصور، وتوضيح سوء الفهم لديهم بأنه يعمل في مكتب خاص، ويدفع تكاليف كل شيء من جيبه،
وأنه بحاجة إلى الأتعاب «المقابل المادي»، لقاء مجهوده وساعات عمله التي يقضيها منغمساً في القضية، وفي النهاية وبحكم عدم استسلام الزحمي أمام كل هذه المطبات، فقد وجد في غضون سنوات شريحة كبيرة من الناس تثق به كونه محامياً مواطناً ناجحاً ومتميزاً.
الطرد بداية الطريق
صدمة أخرى تلقاها الزحمي في أولى جلساته في محكمة الفجيرة، عندما تعرض للطرد من الجلسة الأولى، ومنع من الكلام من قبل القاضي حينها، الذي لم يسمح له بالدفاع أو تقديم مذكرته، الأمر الذي تكرر مراراً حتى بات الأمر في الأخير اعتيادياً، حيث يبقى وجود المحامي في كل قضية أمر في غاية الأهمية. ويقر المحامي الزحمي أنه يضطر لأن يجلس بالساعات، لإعداد مذكرات قانونية تتوافق مع الوقائع، وتضم أهم الأدلة والمستندات وتفسيرها، للوقوف على الحقيقة، والوصول إلى نتائج منطقية، يستطيع من خلالها الحصول على حكم أفضل في القضية التي يترافع عنها.